الفوضى الخَلَّاقة ليست مجرد عنوان جذاب لِلَفت إنتباه قارئ المقال ، وإنما هي نظرية قديمة تقوم على فكرة شغل الخصم بمشاكل متنوعة أو بنوع من الفوضى بهدف تحقيق أهداف معينة قد تكون في إتجاه آخر. و من الأمثلة الواضحة على نظرية الفوضى الخلاقة هي الطريقة التي أنشأت بها الولايات المتحدة الأمريكية قواعدها العسكرية في دول الخليج الغنية بالنفط ، ففي الظروف الطبيعية لن تقبل دول الخليج بإقامة قواعد عسكرية أمريكية على أراضيها ، فما كان من الولايات المتحدة إلا أن قامت بدعم صدام حسين في العراق و تشجيعه على غزو الكويت فأدى ذلك إلى حالة من الرعب لدى دول الخليج مما إضطرها إلى الاستعانة بالولايات المتحدة لحمايتها فانتهى الأمر بإنشاء قواعد عسكرية أمريكية في كل دول الخليج.
ولكن ما علاقة أحداث التفجيرات الأخيرة في كنيسة الإسكندرية بنظرية الفوضى الخلاقة ؟
دعونا نتفق مبدئياً بأنني ضد نظرية المؤامرة التي تلصق أي مشكلة في حياتنا بإسرائيل حتى انتهى بنا المطاف أن قام أحد كبار المسئولين بالتصريح بأن إسرائيل وراء إطلاق أسماك قرش مفترسة في شواطئ شرم الشيخ ، ولكن لا مانع من محاولة إستقراء التاريخ و دراسة حادثة تاريخية موثقة قامت بها إسرائيل في مصر في وقت سابق وهي فضيحة لافون وقد كانت مثال واضح على إنتهاج إسرائيل لنظرية الفوضى الخلاقة. ترجع وقائع القصة لعام 1954 حيث شهد هذا العام قرب جلاء آخر جندي بريطاني من مصر بالإضافة إلى تحمس الرئيس الأمريكي أيزنهاور لإقامة علاقات قوية مع نظام الرئيس عبد الناصر حتى لو أدى ذلك إلى التأثير جزئياً على علاقات أمريكا مع إسرائيل ، وقد أثار ذلك حفيظة إسرائيل فبدأت بوضع خطة أشرف عليها بنحاس لافون وزير الدفاع الإسرائيلي بنفسه. وقد تم بناء الخطة على أساس إحداث توتر ديبلوماسي بين مصر من جهه و بريطانيا و أمريكا من جهه أخرى عن طريق إستهداف مصالحهم و مؤسساتهم في القاهرة و الإسكندرية بعمليات تفجير بالإضافة إلى استهداف بعثاتهم الديبلوماسية ، ويلاحظ هنا أن إسرائيل لا تمانع في استهداف مصالح أكبر حلفائها إذا كان في ذلك تحقيق لمصلحتها ، وبالفعل في عام 1953 قامت إسرائيل بتجنيد مجموعة من الشباب اليهود المصريين و في يوليو 1954 بدأ التنفيذ حيث حدث إنفجار في مبنى البريد الرئيسي بالإسكندرية تلى ذلك بأسبوعين إنفجار عبوتين ناسفتين في المركز الثقافي الأمريكي في كل من القاهرة و الإسكندرية ، و كان من المقرر بعد ذلك بأسبوع إستهداف عدد من المرافق العامة في القاهرة والإسكندرية، من بينها محطة باب الحديد، ومسرح ريفولي بالقاهرة، وسينما مترو وريو في الإسكندرية لولا المصادفة التي أدت إلى إشتعال النيران بملابس أحد العملاء المكلفين بزرع العبوات الناسفة وهو في طريقة لزرعها في الهدف ، مما أدى إلى افتضاح أمره سقوط عناصر الشبكة بالكامل و حكم على اثنين من عناصرها بالإعدام في ديسمبر 1954 و تم تنفيذ الحكم في يناير 1955 وتفاوتت مدد السجن لباقي العناصر ما بين المؤبد و السبع سنوات ، و الجدير بالذكر أنه تم الإفراج عن عناصر هذه الشبكة فيما بعد في عام 1968 في عملية تبادل للأسرى مع إسرائيل و تم استقبالهم في إسرائيل إستقبال الأبطال كما قام الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه كاتساف بتكريم الثلاثة الباقون على قيد الحياة منهم من عدة سنوات باعتبارهم من أبطال إسرائيل. بالعودة إلى حادثة تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية و تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة و ربطها مع التصريحات التي أدلى بها مؤخراً الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي و التي قال فيها " أنهم يعملون على القضاء على مصر فلا تقوم لها قائمة بعد نظام مبارك، ولذلك عبثوا فى كل شئ، واخترقوا كل الأجهزة الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية" و أضاف " بأن سياستهم فى إفريقيا والمياه والسودان وتفتيته تهدف إلى القضاء على البيئة الحاضنة للمصالح المصرية، أى أن خطة إسرائيل هى تجريد مصر من البيئة المحيطة، وتدمير مصر من الداخل". هنا يجب أن نتوقف و نمعن التفكير في التطبيق الموسع لنظرية الفوضى الخلاقة من قبل إسرائيل ، فخارجياً نجد مشاكل جنوب السودان و منابع النيل و إنحسار دور مصر الإقليمي و توقف ملف المصالحة الفلسطينية و انفصال غزة عن الضفة و كلها أزمات لا يخفى على أحد ضلوع إسرائيل بدور مهم فيها سواء كان هذا الدور في الخفاء أو العلن ، أما داخلياً فحدث ولا حرج وإن كان يظل ملف الفتنة الطائفية هو الأسهل في عملية تحقيق الفوضى ، فبمنتهى البساطة لو تم تفجير أي جامع كبير في القاهرة أو الإسكندرية بعد أسبوع من تفجير الكنيسة ستندلع أعمال عنف و فتنة طائفية حقيقية لا يعلم مداها إلا الله. كم أتمنى ألا يكون هذا التحليل صحيحاً و أن تسفر التحقيقات عن إلصاق التهمة بمختل عقلياً أو عمل فردي كما جرت العادة من قبل النظام حين يستخف بعقولنا في كل مرة يحدث فيها عمل إرهابي مماثل ، ولكن هذه المرة العملية أكبر بكثير من المختل عقلياً أو العمليات الفردية ، و أصبح أمن مصر القومي و إستقرارها الداخلي على المحك ، ولا أعتقد أن الصدفة و حدها ستكفي لكشف منفذي العملية كما حدث في عملية فضيحة لافون في عام 1954 وأتهم الموساد الإسرائيلى بالتورط فى هذه الجريمة، خاصة بعد تفكيك شبكة اتصالات التجسس لصالح إسرائيل، وهو ما يؤكد وجود مخططات تدعو للتخريب واستهداف الأمن المصرى، وأن اختيار مكان التفجير تم بعناية، مطالبا الأمن المصرى بالبحث عن الجناة بالاتجاه للموساد وعلاقة التفجير بضبط شبكة التجسس الأخيرة، وأن مصر ما زالت حجر العثرة الوحيد فى طريق الصهيونية لتنفيذ مخططاتها فى العالم أجمع. لكي الله يا مصر
منقول من أكثر من مصدر
منقول من أكثر من مصدر
هناك تعليقان (2):
هههههه
حلوه حكاية المؤامره والموساد واسرائيل دى
اعتقد ان الهجوم ارهابى مهما كان مصدره فاحنا لازم نثبت للكل اننا واحد وهمر ما حصل بين المسلمين والمسيحيين غير كل خير
والله العظيم دى الحقيقه
وفعلا الكلام فى العلاقه بين الشقين بقت فيلم هندى
ده مجرد تخمين مبني على حقائق سابقة وأعتقد انو بكل المقاييس ارهابي وأعتقد أيضا أن اسرائيل خلف هذا إلا إن كنت تقصد بذلك أن معنى ارهابي اسلامي أظن الإرهاب لا دين له
إرسال تعليق